لن أعودَ إلى الرجاء،
لن أنتظرَ ثانيةً، ثانيةً تلوَ ثانيةً، الإنتظارَ تلوَ الإنتظار،
لن أستمعَ، بعدَ الآن، إلى رواياتٍ عن أوهامٍ وارتباطات،
فذلك العالَمُ الغبيُّ الذي يخرجُ عن وجودكِ بقربي عالمٌ لا وجودَ له،
إنّي مُحارةٌ تهيمُ وحدها في يمِّك،
أتوه زائرةً سائحةً في دنيا الجسد،
أغرق،
أنتقلُ في غرقي، بغفلةٍ منك، إلى شعاعِ الحرفِ، وسحر روعته،
أعبرُ جسوراً من كلماتٍ برّاقة،
أبني بيوتاً من جملٍ تضحك، وجملٍ تبكي،
وجملٍ تروي قصصَ الحبِّ للأطفال،
أقطف زهوراً بحريةً أضعها على قمم فينوس،
تحمرّ القممُ من لهبِ الرغبة،
ترتعشُ الأغصانُ من شفقِ الحياء،
تغرّدُ عصافيري جوعاً إليكِ،
وأنتِ، تتذمّرين،
لن أعودَ إلى الرجاء،
لكنّي أسأل: أين ذهبت القهقهات؟
أداري عيني أُخفي دمعي أداوي الجرحَ بالصمت،
أدلّلُكِ علّني أغفر،
أدلّكُكِ، علّني أنسى،
أصرُّ، بقوّةٍ، على الفرح،
أداعبكِ، وأرحل مجدّداً،
إلى دنيا الوله...
تتذمرين،
ولا جواب على سؤالي،
أين ذهبت القهقهات؟
تأتي نظراتٌ حزينةٌ لا تبوحُ بسرّ،
تنفي، من لحظةٍ، ما كان من غرام،
تؤكّد، بأسىً، أن ما كان... بَلَه،
أين رحلت الغمّازتان البنفسجيّتان؟
إنتبهي يا عاهرتي الصغيرة،
لقد أدمنتُ الحبَّ والموسيقى والشعرَ والأشجارَ والبهجةَ،
بقربِك،
فلا تفطميني فجأةً، بتذمرٍ لا معنى له،
بين الغنج والنقّ شعرةٌ فضيةٌ تصرُّ على دخولِ قلبي من فمي،
أبتلعُ الفضّة تشتبكُ داخلي في تعويذةٍ شيطانية،
أتحوّلُ تدريجياً إلى مسخٍ صلفٍ لا يدري بما يشتم أو يبوح،
تنينٌ غاضبٌ يرمي بنار ألمه في وجه تنينٍ لا يدري بما تحويه كلمة غضب،
تنينٌ يلوج بأرضه، يحرقُ يمنةً ويساراً، ينفخُ وينفخ ثم يزأر،
أدمّركِ بلحظة،
لا يبقى منك جمرٌ ولا دخانٌ، تبقين مدى العمر شعلةَ لهب،
أحرقُ أجمل ما في أرضك من أشجارٍ، وطيورٍ وكل ما بي من شجن،
أتركُ لكِ في الحلقِ مرارةَ الحرقة،
أحرمُك حتى حقَّ الندم،
لن أعودَ إلى الرجاء،
سأمهلُ نفسي للعام المقبل،
علّني أعتاد بعدَ المسافات،
و قُربَ البُعاد،
واحتمال اللا لقاء،
سأرسل لكِ إنذاراً، تلو إنذار،
إيّاكِ من غضبِ المذلّة،
إيّاكِ من...
ما هذا؟
مرسالٌ؟ أأنتِ آتية؟
نسيتُ أن أخبرِك أنني،
قد عدتُ، دون أدري،
إلى الإنتظار...
حين تجاورُ مفردةُ الهوى مرادفَها في الغضب،
حين تروي الكلمات عن حالي في الفراق،
برقةِ وحنانِ المدى كلّه،
مدى القربِ منّك،
معناها،
موعدُ الرحيلِ اقترب.
