top of page

الألم حين تبعدين،  ولا يبقى في المنال سوى ذكراكِ،

تظهرين في البال، تبتسمين بحزن، والشوق يُسيلُ الدمعَ توقاً إليكِ،

الألم، حين ترنو الروح ويتلظى الجسد، باردٌ سريري من دونِك،

ضاجٌ العالم في أذنيّ في غياب همسِك،

فارغُ هو في فراغ ذراعيّ من قامتِك،

ندائي إليكِ يتردد بلا صدى، والحنينُ يكوي الأحشاء،

ولا شيء يفي بالشوق المميت سوى الذكرى وألم الذكرى وألم الألم المتكرر اللجوج...

 

كيف لا تحتارين حين تختارين؟ خيارُكِ معروفٌ مسبقاً، لكنه يقع في نفسٍ آمنةٍ مطمئنة كزلزال يزعزع الكيان على حين غرّة،

ا

لألم، حين ألعن أباكِ عاهرة، علّقتني كالكلب من رقبتي في جزمتك، وجعلتِ منّا جرذين جائعين مختبئين في ظلمة مقبرة مقفرة، أما كنّا يوماً فراشات رقيقات؟

الألم، حين ألعن أباكِ عاهرة، أخذتني من حلمٍ إلى حلمٍ خلف سماءٍ سابعة، حملتِني برضىً وتركتِني أحلّق حيث النعيم يجاور الحكمة المطلقة والقهقهات، كنّا هناك، بجعتان سابحتان في غروب فضاء رحب، لاهيتان بالهيام في وئامٍ وهّاب، كنتُ هناك أروي بأمطاري صحارى اللات-الأم واللات-البنت والروح القدس المتصاعدة من الآهات الآمنات، وكان القلب يغنّي فرحاً طرباً بذاك التيه آملاً صابراً موعودا، وفي أوجِ التحليقِ جذبتِني مخنوقة بشدة إلى دركِ اختيارِك، اختيار الآخر، ذاك الذي يحمل لك أماناً أكبر من شواطئ غرامي المنهِك المنهَك...

أكان خطئي أنّي تركتُ العنان لروحي أن تعشق، فأخذتِ منّي الروح حين أقرّتْ بأسرِها، وتركتّني متدليّةّ من عنقي منتظرةً موعدٍ معلقٍ على طرف الشفاه المترددة؟ ألم يمحُ  الهوى الجبار غيوم الشك في سماء البجعات بعد؟ قد خذلتِ عواصف حناني الهاوية عليك كأمطاري النضرة، غيرُ عابئةٍ بمصير خائبٍ من جدوى الحياة، بعد أن أعدتِ إليه الأمل؟

الألم، حين ألعن أباكِ عاهرة، لم تنفع بك كلماتٌ ولا أفعال، ولا أشعار ولا تعهدات، من منّا الذي لا يصلح لبناء الأحلام؟ من منّا يتقن فن البيع والشراء؟ تدّعين أبوّة المنطق، والواقعية، والتجارب... وأنتِ على حق، ألم أقل لك منذ البداية أنّي الأكثر جنوناً؟

الألم، حين تراودني فكرة جنوني تطّل على باب الروح تغلقينه بقسوةٍ، وتسألين بلا خجل: ذكّريني، ما هو المطلوب؟  وأشعرُ بالعهر يحتلّ الأمكنة بيننا،

الألم حين لا تفهمين، أو تدعين أنك لا تفهمين، حين تذكّرين بالماضي وآلامه، (لكل مرءٍ ماضيه الكارثي، وآلامه)، تكَّذبين الصدقَ في العيون ولا تقنعين بالعنان المفتوح على مصراعيه لاستقبال الجنون في عزّ الفرح؟

الألم حين أقتنع أنّك إنما تهربين، علّ إحدى عاشقتيك تأخذُ قرارَ عيشكِ عنك، فتُرضي روحَكِ وتقنعين بما كُتب. 

أكان خطأً انتظار نضوجِك، وتحمل عذاب البعاد؟

الألم حين تراودني كوابيسٌ تأمرين بها لاوعيي، فأنقبض على ذاتي أواسيها، أداوي جرحي بلعنِك، ولعن العهر، وأتذكّر، وأشتاق، وأتمنى، وأنتظر كلمة تُعيدك في هذه اللحظة إلى أحضاني، بلحظة، وفي كل لحظة، تبقيك داخلي، كما أنتِ الآن، تتهادين بدلالٍ على طول الروح والقامة، وأتنهد...

الألم، يا طفلتي وحبيبتي، في انتظارِك ، إلى متى هذا العذاب؟

الألَـم

© 2017 by Houssoun El Fares - All rights reserved

bottom of page