top of page

ذات ليلةٍ، كنتُ هلالاً تتآكله الأهواءُ، والرفيقُ وحيدُ.

عند الشاطىء انحينا، أتى الرذاذُ،

أشار إلى حوريةٍ تنادي من الأعماق،

برقتْ عينان تحت اليمّ.

وقف الخليلان يغنيان، صعدتْ آهاتٌ،

تربّعتْ على صخرةٍ عجوز،

راق اللحن، تدللت الحوريةُ،

رمى الخليلان بروحهما،

تلاعبتْ الحورية بالأنفاس،

بحثتْ الضفادع عن اللآلىء.

نفذ الهواء من فتحة عامودية،

في الخضم، استدار الخليلُ، تمايل السرغوس،

تطايرتْ خصلات من ذهب،

وطأتُ توتياء.

بلعنا كؤوس الهوى، تغامزنا، زحفنا على الشطآن نجومَ بحر،

ابتلعتناكؤوس الهوى، ترنحنا، 

حام حولنا سربٌ من السردين.

تبادل الخليلان القبل، والحيّل،

قي الشِباك تقلبتْ آمالُ.

اقتربنا من السرغوس، داعبناه،

حنَّ علينا، تشابكتْ الأذرعُ،

صرنا أخطبوط.

صدح الغناءُ، تصاعد تبادل النغمات،

تمايلت حوريةٌ، أذهلتنا،

تحوّلتْ أما أعيننا المغمضة، إلى امرأة.

استمرّ الغوص، وجدنا في القاع كهفاً، ولجناه إلى مدينةٍ أثرية،

عدنا إلى ما قبل التاريخ.

 

لمساتٌ ودوائرٌ وانحناءات،

تحت الماء، اشتعلتْ نيرانُ،

لهبٌ اجتاح أعماقَ الأحشاءِ.

 

استمرّ الغوص، ازداد الضغط، تراقصتْ الأرواح على الحافة،

تقوقعتُ، أصبحتُ صدفة مغلقة على الضفاف.

رضعتْ السمكة أباها حتى وحدة الصرخة، ا

رتفعتْ، هبطتْ،

مدٌ شاهقٌ، جزرٌ عميق،

امتصنّي القاع،

كدتُ، والبحرُ، أنشق...

مالتْ عليّ، تأوّهتْ، تسربّتْ داخل الصدفة الموعودة،

ضمّني من الجسد ليلٌ، أنا الهلالُ أصبحتُ بدراً منيرا.

كانتْ الخليلةُ تارةً طحلب، تارة محار، تارةً سمكةٌ-أفعى لسعتْ كهرباء، 

كان الخليلُ رقيقاً، صالَ وحيداً، حصانُ البحر، 

أوشك التوحد أن يخلق أزواجاً،

لكن، بحت السلطانُ بيننا، فينا، علينا،

باتَ حوتاً لبونا.

الماءُ... الماءُ... الماءُ...

يتدفق، منا، فينا، علينا،

الخيرُ يرشحُ من الثمار...

 

اتقدّتْ جمراتٌ عند مدخل الكهف،

تراءى خيال قصةٍ، وبصماتُ اجتياح،

داهمنا جمالٌ موجعٌ،

قلعةً جريحةً كنّا، تمازجنا مع الإطار...

 

مال على الكتفِ تاجٌ، سها بين الأضلعِ،

صحا صدرٌ شامخٌ في كفِّ، ابتلتْ شفاهٌ في أعناق،

اخترقتني ليلتي، سهماً بارقاً في الروح والجسد.

تُلاصقني مرآتي، أبتسمُ تبتسمُ، أعبسُ تعبسُ، أضحكُ تضحكُ، أبكي لا تبكي،

اعترفتُ لها بالحب. 

 

صحتْ مرآتي، رأتْ نفسها في العيون،

نفتْ الصورة، اعترفتْ أنها تحبَُ الحب.

التقتْ نظراتُ شراكة،

قهقهتْ عَيْنا رفيقي،

الحياةُ تبرقُ تحت اليم.

قُبلٌ ولؤلؤٌ ومرجان،

حُلمةٌ كريمةٌ بين ثغرين،

تلك ثمارُ البحار،

تلك نحن،

نقاطٌ رطبة هائمة في صلب الماء.

© 2017 by Houssoun El Fares - All rights reserved

bottom of page