top of page

قالت تلميذةٌ نجيبةٌ لضليعةٍ في لاهوت الغرام:

أحبّيني بعد،

أعيدي معي اكتشافَ الحروف،

تعالي نلعب،

داعبِيني بنهديكِ وأناملِكِ وشفتيكِ،

كما تداعبُ مفرداتُ الرغبة خيالَكِ في البال،

كما تتشابكُ الأحرف ليطربني همسُك،

إدني منّي، كدنوّ خطٍ مائلِ من أخيه المستقيم داخلَ حرفِ الدال

بدلال،

تدلّي عليّ، ودللّينني،

لامٌ ولامٌ ولامٌ،

نخيلٌ فضيّ يلوحُ في خصلِ شعرِك، أتمايلُ في لمعانِ اكتمالِ البدرِ،

تحسَّسي أوراقَ الوردِ المتورّدِ في مكامنِ الغرق،

أنصتي إلى خريرِ المياهِ المنسابةِ بين أصابِعك،

وارتجفي من اللذة،

تلذّذي، بي، كالذالِ في "لذّة"،

نقطةٌ على دال، نقطةٌ على دال، نقطةٌ على دال،

بللّينـي زيِّنيني بعرقِ قامَتِك القابعة كشدّةٍ على طول الياء في "علــــيّ"،

زنِي عليّ بعد، واضغطي بثقلِ الألفِ على الهاءِ في "آه"،

إحتفي بحرف الحاء مَثنىً وثُلاثاً ورُباعا، مشدّداً، إحتفي حتى يأتي الوجعُ، والوحيُ،

إحتفي حتى لا أعودَ إلى وعيي،

ابقي هناك، ضعي على احتفائِك نقطة،

كوني اختفاء، إختفي، على تخوم التنهدات،

استمرّي هناك، صرّي على الضمِّ الشديدِ،

كالضمةِ المشدّدةِ في "أحبُّ"،

أحبُّ،

أن تحبّيني، بعد،

انهمري عليّ بفضةِ القُبل،

استديري عليّ استدارةَ حرفِ العين في عبير عنق،

عينٌ عينٌ عينٌ

عيونٌ عائمةٌ على وجه الماء،

عناقٌ عناقٌ عناق،

نقاطٌ وهمزاتٌ كثيرةٌ تتساقط عليّ كهمزة الكاف في ظلِّكِ، وشهوتِكِ، ومائِك،

تنهمرُ ملأى بالطيب،

فأتمدد كالألف المقصورة في "الهوى"،

 

وأتنفَّسُ،

هاءات، هاءات، هاءات،

بلا ارتواء،

أحتمي من آهاتٍ في استدارة الوركِ، ألتحفُ أناجي حاء،

أطبع قبلةً- نقطةً فوق،

حاءٌ - خاءٌ كخصرٍ أرنو إليه، خصيبٍ كالهلال،

أطبع قبلةً- نقطةً تحت،

حاءٌ – جاءٌ مع مفاجأةُ القبلةِ –النقطة، أجيء،

قبلةٌ –نقطةٌ تنوء تحت مطرِ الثغرِ،

ثغرٌ، ثغرٌ ، وثغر،

ثاءٌ ثلاثُ نقطٍ على كرسي تُحيلني أشلاء،

ثلاثُ نقطٍ على أشلاءٍ تحيلُ السين في اسمِك إلى سهلٍ أهيمُ فيه،

نقاطٌ عاريةٌ عطشى تبحثُ عن مطر،

نقاطٌ سمكةٌ تسبحُ في سماءِ ساحرةٍ بلا خَفَر،

أرجوكِ يا لات لا تطيلي، حوّلني طيبـُكِ عصاً متوقدّةً على مدى امتداد حرفِ الط،

هيّا أضيفي نقطتُكِ أعلاها، كي تصبح أخيراً حرفَ ظ، مشعّاً وِسطَ البَظَرِ، وفي أسفلِه،

وفي البالِ المحمومِ بالوله،

إن كنتُ تصرّين على العذاب،

فما لي إلا بأناملي تضع النقاط على الحروف،

حيث أهوى، وأهوي، وتهوين معي، حيثُ تَلزم،

نعم يا عاهرتي، القططُ عاشقاتٌ غشاشات،

تتكاثرُ نقاطهنَّ على حرف السين،

فيشدو،

شينٌ، شجنٌ شجنٌ شجن،

يرتجُ ارتجاجاً لجوجاً،

يترنّح بإلحاحٍ في مجرّاتٍ لولبيّة،

تشعُ الحروف إشعاعاً يبهرُ أنظاري الشاخصةِ إلى وجهك،

أختبىءُ من الوهجِ في ثنايا روحي،

أتقوقعُ على خدري اللذيذ ألتقطُ نُقَطي عن أنفاسي،

أجمعها هداياً، تتكوّرُ الكلمات جنيناً في رحمي،

تأتيني، ثانيةً، بتؤدِّةِ، بنعيم اختراق المسامِ للمسامِ، بلهيبِ الشفاهِ الآتيةِ من الخلف،

تضيئين على هداياي أنواراً، تقتربُ من بعيد، من جديد،

أكتشفُ كيف ينمو الشوق أكثر، كلّما زادَ حتى طافَ الإرتواء،

ترشفين الأحرفَ من أعماقي تملئين السواقيّ بالماء،

ترتمين عليّ تبتلعين روحي حرفاً حرفاً، من ألفي إلى يائي،

تخرجُ قرقعةُ الحروف من جوفي،

تدخلُ منتشيةً إليكِ،

تُسمع طبطبةُ الماءِ في أعماقي،

صفقٌ كنقطتين تصلان معاً ترتطمان في قلب القاف،

دعيني ألعقُ من حرقتِك نقطة، دعيني ابتلعُ التاء،

أحيلُكِ من حرقةٍ إلى حرفٍ،

ألا يحق للضليعِ أن يُسقي المحرومَ من نقطِ حروفِه؟

من يريد للنعيمِ أن ينتهي؟

أليسَ بالشُكرِ تدومُ النِعَمُ؟

ثلاثُ نقاطٍ على سينِك، نسماتُ حريرٍ على شدوِ جسدِك،

نقاطٌ توصلني، بعد طول سينِ سنينٍ إلى شينِ شطّك،

شاطىءٌ رطبٌ بنَداكِ،

أسيرُ حافيةً عليه، إليكِ، أجرُّ معي كلَّ أحرفِ الجرّ،

منّي، إليكِ، عليّ، فيكِ...

تنهينني، بكل أحرف النهي،

أدنو من شفاهِك أهديكِ كل أحرف العطف،

واوٌ ثمّ واوٌ ثمّ واوٌ،

ودٌ ثمَّ ودٌ ثمَّ ودٌ، ثمّ واااااااااااااوووو!

زغاليطٌ، زغاليلٌ، عَواء،

تناجي الروح، تمتصها،

ثم تعيدها إلى الحياة

حروفاً تبلُّ الريق،

وأملاً، بدوام الصفاء،

صفاءُ مداعبات لغوية لا تكفَّ قبل الفجر،

نقاءُ لقاءٍ بلا نهاية، ولا أفق، سوى بنفسجُ عينيكِ في ليلي الطويل،

وجمالُ الضحكِ معكِ بلا نقاطٍ ولا حروف،

ضحكٌ يحوّلُ الأفعالَ إلى مفرداتٍ تفوح بالرقة،

والجملَ إلى زهورٍ بريةٍ بطعمِ  البطنِ ونكهةِ الإبط،

والقواعدَ إلى أسسٍ للتواصل البشوش،

والصرفَ والنحوَ إلى دميةٍ أعانقها قبل أن أغفو في حضنِ الذكرى،

ذكرى تثيرُ الرغبةَ بإتقان الحبّ،

رغبةٌ تثير شهوتي إلى امتلاك مَتنِك، ومتنِ لغتي إليكِ،

فأحبّيني بعد،

يا ضليعتي في علمِ لاهوت الغرام،

إنّي أتعلّمُ منك أصولَ الصمتِ، وحوارَ العيون،

وفورانَ النثرِ، والشعر، وما بين بين،

أحبّيني بعد،

أتريدين لأميٍّ ألا يقرأ ولا يكتب؟

أتريدين للهناء أن يُحرم من أثرِ اللمسات؟

إنّي ابتدأت بحرف الألف،

أحبّكِ،

من فضلك،

تعالي غداً،

علميني الباءَ.

 

 

كلماتٌ دعاءُ صلاة،

يا آلهةَ اللغةِ الجميلة،

إقرأي عليها ملذّات الفصحى،

دعيني أناديها أداعبُها بلسانِك،

لبّي أرجوكِ دعائي،

دعيها، أرجوكِ،

تلبّي النداء.

لـُغــةُ مداعبــة

© 2017 by Houssoun El Fares - All rights reserved

bottom of page