
مثنّى النـســر
نِسْرينُ : جمع نِّسْرِيْنَةُ، وردٌ أَبيض عطريُّ قويُّ الرائحة ، ، له سوق شائك من الفصيلة الوردية، سمّاه بعض الناس وردًا صينيًّا (معجم المعاني الجامع)
زارَني مُثنّى النسر،
نسرٌ أشقرٌ يهيمُ في ذبول النظرةِ الناعسة، لا يلتفتُ إلى الشوق،
ونسرٌ أشقرٌ ينقضُّ بسرعةِ البرقِ على الدهشةِ، يرمي بي في البراثنِ،
تأكلني الرغبة.
ينهشُ وعدُه لحميّ الطريّ،
يكسرُ ابتسامُه عامودي الفقري،
أتشظى فُتاتاً تحت ضربِ منقاره، واحتمالُ الشِفاه،
أنهارُ جبلاً هدّته ريحُ النسريَنِ، والعطرِ،
أسيلُ ماءً شفافاً على بريق جناحيه،
ندىً على مسامِ الجلد،
يتأمّلُني بطرفِ العين،
شامخاً،
يتأكّد من همودي التام، بلا حراك،
أنتظرُ.
يسبحُ النسران في الفضاء،
يميلان على وقع أنغامِ السنابل الذهبية المتطايرة،
يتعانقان، قطراتُ مطرٍ في صحراء العطش،
يموجانِ بالعصبِ المتضرعِ في دعاءِ إستسقاء طروب،
يفتخران بالأجنحةِ يتثنيّان على وقعِ تصفيقِ كفيّ الحار،
يهتزّان على وقع الآهات التي تشي بما هو آتٍ لا محالة.
قريباً أمتطي النسرَ الجامحَ، والنسرَ الجامحَ،
قريباً أحلّقُ به إلى جبالٍ بعيدة،
أشبعُ جموحَه، ونهمي،
أطيرُ به إلى أعالٍ غيرِ منظورة،
أرتفعُ وأرتفعُ وأرتفعُ،
أنتشي به، أهديه ارتعاشاً، فينتفضُ،
أقوده بمودّةٍ، وتؤدّةٍ، وشغف،
إلى ما خلف جبال الشوقِ المكبوت،
قريباً يخرُّ ساجداً،
يخشع لأناملي تتنزّه على ريشه،
للقُبَلِ تلوح على بقايا الندى، والعطرِ،
لقلمي الذي غمّسته بدمي، أنا الطريدةُ،
التي نهشت،
النسرَ الأشقرَ ذي النظرة الناعسة،
والنسرَ الأشقرَ ذي الشفاه الرطبة،
وجلست، على طرفِ سريرِ القمر،
تكتبُ، وتنتظرُ.
يا شقرائي،
يحلّقُ نسران
في فضاء الوحدة،
تلتمعُ عينا النسرين، في سماءِ الغرفة،
أشعَُ وحدي، في ليلِ الغربةِ الطويل.