
ما بالَكُ، يا شقرائي، تعدين بإغراءِ العرض، تتنبَئين بالتلبية، تتدلّلين بهُدبِ العين،
ثمّ ترمينَ في وجهي الأعذارُ؟ أيجب أن ألعنََ العََرضَ، والعِِرضَ، كي تأتين إليّ؟
ما بالَكُ تتغزلين بالهيام، بالسيجارة بين شفتيّ، وحين أشعلُ هيامّكِ وسيجارتك،
تـهربُ منّي النظرات؟
ما بالك تحلمين بأحضاني، ومراسيلي، وكلّما أضحكُ معكِ، عن بعدٍ، ينقطع الخط؟
لم أعد افهم،كيف يلتصقُ الشوقُ بالصدّ؟
هاتفك يضجُّ بايقاعِ الرغبة، يمتلىءُ بموسيقى وعدِ العناق، رنينه يمتدّ ويمتدّ، يصلُ الشوقَ بالشوق،
ولم أتعلّم فن الغوايةِ بعد، فكيف، يا شقرائي الصغيرة، تفرّين من بين أصابعي، ماءً أشتهيها،
ولا تروين عطشي، ولو بشرح؟
أعذري فهمي البطيء، قد أعمَتْ الشهوةُ بصيرتي،
لم أعد أرى في الخيالِ إلا زهرَ شفتيكِ، وزهرَ حلمتيك، وكلَّ الزهرِ العابقِ في مكامنِ الفلّ،
زهرَ الرحيقِ يشتاقُ الدمُ إليهِ، فيكِ...
همسٌ ذو بحّةٍ غنوجٍ يوشوشُ في الوشواشة: إنتظريني بعد، لإنّي زهرةٌ تبحثُ عن كمالِ اللحظة،
إنتظريني بعد، لإنّكِ، إن أتيتِ لاختطاف الزهرِ في عزّ احتدام الزحمة، لشنقَ الزهرُ حاله،
إنتظريني بعد، لإني، بصراحةٍ، لم أنظفْ كفايةً لكِ بعد..."
آه! نعم! الآن فهمت،
من ستشنقين يا شقرائي، أنا المشنوقةُ على خصلةٍ من شعرِك؟
من تعدين بنجومِك، بكمالِ اللحظة، أنا التي لن يكتمل بدري دونَ بريقِ عينيكِ؟
من تعدين، يا شقرائي، بنظافةِ الجسد، وروحي قد اتسخّت بقذارة الشتائم لحظّي العاثر اللعين؟
كيف يا غزالي أقدر على الإنتظار بعد، علمّيني، ففهمي غليظٌ، وبظري غليظٌ، وظلمُ العادةِ الظالمةِ يتكرّر،
وحظّي الرائع بلُقاكِ وعدٌ قد لا يتمّ، وذكرى لحظةُ القربِ منك تزوغُ في النظر،
وتخفقُ في القلب، وتنبضُ في مكانٍ ما، حيثُ تلتهبُ ذكرى تلكَ اللحظة، ويحلو اللمسُ...
ها عصا الطيبِ الأخضرِ تتجوّل من سفحِ الظهرِ إلى قُممِ العنقِ، فالخدّ،
ها الخدُّ والعنقُ والعصا تتوّردُ، مسامي كلّها طَرْفُ عصاً، تتنزّهُ المسامُ على سهولِ الفلّ، تشتاقُ الشفاهُ للقُبَل،
طحلبٌ رطبٌ يموجُ حنيناً إلى الثغور، يرتمي رأسي في حضنِ خصرِك، يرتسمُ وجهُكِ على كفّي،
تغمضُ كفّي فمي كي لا تتسرّب الآه،
تغمضُ كفّي عيني كي لا تلتمع الدمعة،
تحضنُ كفّي ريشتي، تغمسها في ريق اللحظة، تروي...
هي مجرّد عصا، مرّت من هنا، قبل وبعد احتراقِ الطيبِ الأخضرِ،
هي مجرّد عصا، ارتوت منكِ، قبلي، صارت، نقطة، ارتكاز