"إني أفضّل، على أضواءِ الذكاء، ظلالَ القلب..."
هل عليَّ أن أختار بين التماعِ عينيكِ، حين ترنين إليّ، وارتعاشُ شفتيكِ؟
هل عليّ أن أختار بين قهقهاتِ البديهة، ومداعبات الأنامل؟
إنّك تصعبين الأمور عليّ!
إنّي أحب التأرجح في الما بين بين، والتعلق بأهدابك،
تهدهدينني، بنعومتِك، تدغدغينني، بصوتِك، ترسمين في فضائي دوائرَ ارتواءٍ،
إنّي، كعادتي، أرقصُ على الأسقف، أتدلى، وأتدلّل،
وكلّي اتكالٌ أنّكِ في الأسفلِ، تنتظرينني،
تتلقفينني حين أهوى عليكِ، تغمرينني بألفِ ذراعٍ وألفِ ساق،
تبتلعينني، كما أبتلع الآن مجّة سيجارتي، بجوعٍ، وشغف،
تشربينني قهوةً مع ألف هال، فأكادُ أرتوي،
يبصقُني الواقع، يبطحُني على الأرض، يصيح بي: إني مشتاقةٌ إليكِ...
قتلتني!
إني أموت، في كل لحظة، قربَ نارِ مدفأة،
إني أشتعلُ، في كلِّ مسام،
إنّي أحترق، توقاً، إليكِ...
أجيبيني،
أخبريني عن ظلالِ القلب، صفي لي كيف تنتصبين، وحدك، في ظلامِ شوارع باريس...
أعلميني عن احمرار الشوق، عن تورّدِ وجنتيك، عن ارتعاشٍ ما، في مكانٍ ما، يعيدُ إليّ النفسَ...
مع مجّةِ السيجارة، أخبرُكِ عن نارِ مدفأتي، وجهنمِّ الإشتياق،
عن حرقتي، ويا لوعتي!
عن مجّةٍ تطيح بما تبقى من رأسي،
عن لهبٍ يُحيلني، قريباً، رماد...
أصفُ لكِ لحظة صفاء، تمحو المسافات، تأتي بك إلى جانبي، تتأملين معي تماوجُ النيران،
أقترب منكِ، أحيطُ كتفيكِ بذراعيّ، أطبع قبلة على جبينك الحار، أذرف دمعة،
وأعود إلى شوقي إليكِ....
أسرعي يا سيجارتي، احميليني على سحبِك إلى بين أضلعها، إرمني عليها كمنديلٍ عَطِرٍ،
مجّتين بعد، وأدخل فيكِ، برأسيّ،
مجةٌ واحدةٌ بعد، وأعود وحيدةً إلى شوقي إليكِ...
ارتفعتْ السحبُ في الفضاء، رفعتني معها إلى موجاتِ نقاء، حلقاتٌ من شوقٍ، وضمّات،
دوائرٌ من رغبةٍ، وقُبَل، وليلٌ طويلٌ طويلٌ...
تذبل نارُ مدفأتي... أصبحتُ جمراً، يذرف دمعاً،
عدتُ وحدي، إلى شوقي إليكِ...
إني، إلى شوقي أعودُ طائعةً، أحنُّ إلى نثري عن أثـَرِ هواكِ،
بانتظارِ نثرَ مائي، عليكِ، في زمنٍ قريبٍ، بعيد...
ظلالٌ وأنوار
