top of page

الخليلتان قصيدتان،

في وئامٍ، بأسرار الألمِ، تبوحانِ،

والفرحُ يعتصرُ...

 

في الأحضانِ،

تشعُّ اللحظة، تدومُ دهراً، تجفُّ القُبلُ والشفاهُ،

والمطرُ ينهمرُ...

 

ماكينةُ الحبّ تعصرُ القلبَ، والجسدً، والروحَ،

قطرة قطرة،

نارٌ، أذرعٌ وسيقانٌ، في الموقدِ،

نارٌ، خصورٌ وبطونٌ، في الشمعةِ،

نارٌ، هيامٌ أزليٌّ في الأحشاء،

مطرٌ يزيدُ الإشتعالَ اشتعالا، والرقّةَ رقةً،

الخليلتان تخطفان

هنيهاتَ الشُعلةِ، وجمرَ الرِقَّةِ

ببطءٍ تسيرانِ

متوقدّتان، تحت المطر...

 

تقبضان بحنانٍ بشدةٍ على أوديةِ المـُتَعِ الخالصة، والقممُ تنبهرُ،

تتحكمّان بالرمّانِ يُشلشلُ على الثغور المفترّة،

والوجوهُ بين الأكفِّ ترتجفُ...

الخليلتان ترقصان، على عتبةِ النشوةِ، والبطونُ تهتزُّ،

تتدللان،

والدلالُ يكاد من دلاله يتدلّلُ، والغنجُ في عذوبته يذوبُ،

تُراودُ الخصورُ القبضاتَ عن نفسها،

فتقبضُ،

وتنقبضُ،

جماعُ الخليلتين موتٌ محتّمٌ،

الموتُ إغراءٌ،

الإغراءُ ذروةٌ،

والذروةُ، من رمادها، في كلِّ مرةٍ، حياةٌ جديدة تولدُ...

 

توقفت الخليلتان عن العدّ،

لا حساب بين المحبّين،

تغامزتا، تضاحكتا، تشاركتا، تقاربتا، تثنتا، تداخلتا،

منحتا العمرَ لحظاتٍ،

في البالِ في الخاطرِ جمراتٌ

تحتَ رمادِ الجسد

لا تكفّ عن التوقّدِ ...

 

الخليلتان معاً،

عن الموت تتوبان،

تتضرعان للهوى أن يكفَّ لحظة،

من رمادِ الأجساد المستشهدة داخلَ بُركِ المطر،

جمراتٌ من وله، تُضيءُ...

خفرُ الدنوِّ البطيء نسيمٌ يحنُّ على الجمر،

واللثمُ دوائرُ شراراتٍ تُشعلُ، وتشتعلُ،

ماكينةُ الحب لا تتوقف،

تركضُ بالأنامل على الشهيقِ والزفيرِ،

تلهو بانفراجات الإكتناز البريّ،

تجنُّ بارتجاجها على مكامِنِ الفجرِ الآتي في بدءِ كلّ لحظة،

تُصرُ على الشمسِ أن تطلع،

تقبضُ على شُعاعاتها كلّما انبلجتْ،

في استسقاءٍ متضرعٍ،

ها القرصُ الأحمرُ الدافىءُ يطلعُ

على سفوحِ الوديانِ، والقممِ والسهولِ، 

ها المطرُ ينهمرُ*...

 

الخليلتان تتأبطان،

خلوتـَهما، وقوسُ القزحِ يعرَقُ، ويتبخّرُ،

بُخارُ الخليلتين عنبرٌ يجري في الدمِ الأزرق،

أدمنَ الدمُ عليه، من توقِه أخذ يستنجدُ، من جنون الرغبةِ يستغيثُ،

جلب الحبيبَ إلى داخله،

ابتلعَ جمرَه مع النَفَسِ،

أخذ من جديدٍ يتلوى، في بخار جمره الشُعِيْلَةُ تتوقّدُ...

 

ماكينةُ الحب لا تتوقف

الخليلتان جمرتان

في العمقِ تغوصان، تهديان الجمرَ التهابه،

ملحُ الهديا حارقٌ، والغرامُ جرحٌ ينزفُ...

 

صَبَغَ الجمرُ العروقَ بالدمِ الأزقِ،

فتورّمتْ، والأوردةُ أشرعةٌ بالنسيمِ تنفخُ،

شنّجَ الجمرُ أوتاداً، راياتً انتصبتْ،

عُلقّت رؤوسُ الجمرِ عليها، نياشيناً،

في ليلِ الشهوةِ الطويل،

لم يزل المطرُ ينهمرُ...

 

الخليلتان تتأبطان،

التأملَ، ورؤوسَ الجمر في قلبِ الزمن، تتعلّقُ

تقطفان، تتنشقان، تتثاءابان، متداخلتان، الفؤادُ من حنينهِ يتعبُ،

نجومُ ليلِ الشوقِ تسطع، بريقَ العيونِ تلتقي

من نظرةٍ، تنفجر النجومُ كواكباً

من جمرٍ تحت الرماد،

سوادُ الليل أحمر،

دمُ العروقِ أزرق،

وياسمينُ الثغورِ بياضٌ على طرفِ الجمرِ يحترقُ،

ها العناقُ يأتي،

ماكينةُ الحب تُسَلْسِلُ أقواسَ القزح،

ينسابُ القوسُ من هدبِ العين، إلى الوديان،

هناك يتأرجحُ،

بانتظار الشمس تطلع،

والمطرُ ينمرُ...

 

سوادُ الليل أحمر،

رؤوسُ الجمرِ معلقّة،

تتسربُّ الأناملُ تخطفُ الجمرَ عن راياته المنتصبة،

تستلُّه كالرماحِ من غمدها،

بالجمرِ على أطرافِ الأنامل الرماحُ تغرسُ،

تاهتْ حدودُ الجمرِ،

تفتّتْ،

تشظى قرصُ الشمسِ ما إن بزغ،

ها المطرُ يغلو،

ها الشمسُ تنهمرُ...

 

الخليلتان تلهثان،

ببقايا الشمسِ تتناجيان،

والنفَسُ ينقطعُ،

(النفسُ قطّيعةٌ)

الأرضُ خصبةٌ بطمي النجوم، بندى الجمرِ تترطّبُ،

ماكينةُ الحب لا تتوقف،

اقتناعٌ راسخٌ بالنعيمِ،

هو جمرٌ وماءُ،

هو وجهُ الحبيب الباسمِ حين يدعو

وصلاةُ عينيه إلهَ الوفاء تعبدُ،

ضحكةٌ تعودُ بالعمرِ إلى الوراء،

كلمةٌ تعطفُ على العاشقِ،

جملةٌ تروي غليله إلى شعرٍ يلهمُ الوحيَ،

هو قصيدةٌ تأتيه،

الرحمةُ عليه تنزَلُ...

 

الخليلتان تسهوان

عن التصاق القاماتِ،

الغفوةُ اشتهاءٌ،

والنعاسُ ضمٌّ بين الأضلعِ،

حيثُ جمرُ الإرتواء لا يهمدُ،

بُخارُ النعاسِ يُقاربُ بُخارَ الأنفسِ،

وردٌ جوريٌّ ملقى على شفاهِ الجمرِ،

الخليلتان تعبقان،

بعصيرِ الورد،

هل يشرب الجمرُ الرحيقَ؟

 

ماكينةُ الحب لم تتعب،

جالتْ على الأرقام القياسية تحطّمها،

5000 ملليمتر ماء معدل سنوي في مثل هذه الايام،

أيّام تكوين كوكب الأرض الأولى،

أيّام لم تشرق الشمس على الكواكب العطشى ،

لم تمطر فيها،

لم تولد بعد أقواسُ القزح،

فوق الغيم، الخليلتان تحلقان

في ليلٍ مضيءٍ بالنجوم،

تتأملان ، مبللتان بأجنحةٍ متوهجة، آلافَ أقواس القزح

تطيران نحو الجمرِ المتلألىء في الأفاق،

تختفيان هناك،

عسى ماكينة الحب تتوقف؟

ماكينة الحب لا تتوقف،

بعد العناقِ دمعٌ،

بعد الدمعِ عناقٌ،

يصحو الوتدُ النائمُ ،

في نومِه من غضبِ الإشتياق تفترسُ الأوتادُ العضَّ بلا وجلٍ،

تزمجرُ أوتارُ الصوتِ تسابقُ الصدى،

تخترقُ الخليلتان جدارَ الزمن،

صبيتان في الرابعة عشرة،

راقصتا باليه في لوحات دايفيد هاملتون،

دلعٍ شرقيّ ينافسُ سامية جمال وتحية كاريوكا،

ممحونتا ستريبتيز يُخفي أكثر، حين يبوحُ،

صديقتانِ تمسكان بالأيدي، مسمّرتان بالولهِ في منتصف الملعبِ،

عشيقتان تقبضان على مكامنِ المتعِ صبابةً، تخترقُ،

طبيبتان تعالجان جنون العصبِ حين الظهور تتنهّدُ، وتنهدُّ...

والمطرُ لم يزل ينهمرُ،

قُبلُ الأنامل داءٌ ودواءُ...

جمرُ الروح يُداوى برحيقِ الحبيب، نسيماً يعيدُ الحياةَ،

بريقاً في العيون، قبل مطر الدمع،

لعاباً على الشفاه، قبل مطر القُبل،

مطراً حيثُ يهوي الهوى، قوساً فضيّاً في ليلِ الوصال العاصفِ،

شموساً تُدفىء العمرَ كلَّه، بلحظات - جمراتٍ لا تموت،

لأن ماكينة الحب لم، ولا، ولن تتوقف...

ماكيــنــة

© 2017 by Houssoun El Fares - All rights reserved

bottom of page