top of page

بالأمس جاءت الليلتان بالمودّة، وبغفلةٍ منّا، أطلنا الحديثَ عنكِ،

بالأمس روت الليلتان ماضيَك الحزين، بعطفٍ، وكنتُ من الحديثِ عنكِ، أغتبطُ.

تتالت وتكاثرت الروايات، عن الأب الذي ابتزّ، والأخت التي فرّت، والأخ الذي انتحر، والأمِّ التي فقدت العقلَ لسنوات من الحداد،

وددتُ لو كنتُ في بالِك الأبَ، والأختَ، والأخَ، والأمَّ،

تتالت وتكاثرت الروايات،عن العاشقات العاهرات الصغيرات اللواتي مررن بك، والأثر الذي تركتهنّ فيكِ، وددتُ لو أمحي المرَّ ولا أبقى لك سوى الحلو من الذكرى،

 

فاضت الليلتان بالحديث الودود عنك، وفاض بي الشوقُ إليك،

شرحتا بإسهابٍ حاجـَتك إلى إطارٍ يضع حدوداً لجنون خَلقك،

تمنّيتُ لو حطّمت كلَّ الأطرِ، وتركتك تحلقين حمامةً سمراءَ حرةً من أي قفص،

فصّلتا دون كللٍ عدم وجود هدفٍ لمرمى خيرك الزائد عن حدّه،

كيف جاءت النون تلتفّ حول خصرك، وصدرك، وعنقك،

منعت عنك النفسَ البسيطَ، حجبت عنكِ الرؤيا،

فلم يعد من هدفٍ مُجدٍ أمام ناظريكِ سوى إرضاء نقاط غرور النون المتكرّرة،

صلّيتُ كي تجدي التوازنَ بين راحة الحبّ، وعظمة الرغبة، في أحضاني،

 

حين جاء دوري في الرواية، ضاعت الكلمات،

لم أجد سوى صدى ضحكاتنا المجلجَلةِ بالهوى،

حين جاء دوري، شعرتُ بالبرد، بالصمت، بالحنين،

ماذا أقول عن حلوتي الصغيرة، وكل ما يُقال يُذاع؟

ماذا أفعل بالوعد العهد الذي قطعته، وفمي يكاد يقفز من مكانه رغبةً بالصراخ؟

أأبوح لهم بجنون عشقي، ببابِ جهنّمٍ فتحتِه لعاشقةِ النار؟

أأبوح بنعيم القربِ منك، وتوالي لحظات النشوة دهوراً دهورا؟

كيف أروي فرحَ اللقاء، دون اعتراف، وأصف رعشةَ الوصال، دون احتراق؟

فضيحةٌ حبّي، ولا ذنب،

سوى حب البقاء، أكثر فأكثر، بين ذراعيك، وساقيكِ، وفي حضنك،

تدّعي الليلتان عدم اكتمالَ بدرِك بسبب طغيانِ شمسِ النون،

لا أظنّ أن ما يجري هو مجرّد كسوف،

هو أكثر من عطرٍ يفوح منّي ، يجتاحني، حين تخطرين في البال،

هو أكثر من شدوِ فيروزٍ في أوّل شعاعٍ من الصباح، والتماعِ الفرحةِ في عينيك حين ترنين إليّ ،

لم تكن مجرد ليلة عامرة مع الليلتين العابقتين بك، كانت ليلةُ حبٍ من الطراز الأول،

أحببتُكِ فيها غيابياً، أكثر فأكثر،

اكتشفتُ وجوهاً حدستها، وألماً عرفنه، وطيبةً في القلبِ تغري الذئبَ بانتهاش النعجة فيكِ،

أيا نعجتي الصغيرة، ماذا تفعلين بأنياب ذئابي؟

هيّا تنشقّيني صباح كلّ يوم، وظهر كل يوم، وفي المساء،

اقطفيني ورقة ورقة، ولا تسألي إن كنت أحبّك، فالمكتوب يُقرأ من عنوانه،

وعنوانُ ليلتي مع الليلتين أغنية، صدحتْ طوال الليل في رأسي،

"ولمّا شوف حد يحبّك، يحلى لي أجيب سيرتك واياه"،

وعنوانُ مرسالي إليكِ: تعالي، لم يبقَ من العمرِ شيئاً، لن أهديه إليكِ.

© 2017 by Houssoun El Fares - All rights reserved

bottom of page